بسم الله الرحمن الرحيم
ألحمد لله على أن بلغنا شهر رمضان , وأسأل الله أن يتفضل علينا بإتمام صيامه وقيامه وأن يتقبله منا بمنه وكرمه إنه سميع مجيب .
لقد انقضى رمضان وها نحن في ليلة الثامن والعشرين منه ,وكم من محسن ومقصر ولكن الأمل هو في كرم الله تعالى قبل كل شيء ومعه وبعده .
لقد رأيت في رمضان هذا عجبا فمن الناس من صام رمضان وقام لياليه كاملة بل ذُكر لي أن بعض المساجد كانت تبدأ القيام من بعد صلاة العشاء ولا تنتهي إلا وقت السحور وقبيل الفجر ربما بأقل من ساعة واحدة ومن هذه المساجد الجامع الكبير بخميس مشيط فأسأل الله أن يتقبل منا ومنهم ومن القراء والمسلمين جميعا .
لقد كان رمضان شهر الصيام فهل يكون لنا من الصيام في بقية العام نصيبا . جاء في صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر )
قال العلماء : أن ذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها فيكون صوم رمضان يعدل صيام عشرة أشهر والستة أيام تعدل ستين يوما أي شهرين كاملين فيكون ذلك عاما كاملا :
وأيضا فإن من الحكم في صيام التطوع أنه يكمل النقص الذي قد يكون طرأ على صيام رمضان بكلام أو نظر أو غير ذلك فلله الحمد والشكر .
ومن الصيام المشروع صيام ثلاثة أيام من كل شهر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث , صيام ثلاثة أيام من كل شهر , وركعتي الضحى , وأن أوتر قبل أن أنام ) متفق عليه وحديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صم من الشهر ثلاثة أيام , فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ) متفق عليه .
ويستحب صيام أيم البيض لحديث أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر أذ صمت ثلاثة أيام فصم ثلاثة عشر , وأربعة عشر , وخمسة عشر ) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
ولصيم التطوع فضل كبير , وأجر عظيم عند الله فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ) متفق عليه .
فلننظر جميعا في هذا الفضل العظيم والأجر الجزيل الذي يتفضل به الله تعالى على من عمل هذه الأعمال اليسيرة .
أما بخصوص صلاة التطوع فإن المحافظة عليها لها فضائل عظيمة أيضا ففي فضل المحافظة على السنن الرواتب حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (من صلى لله ثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة بنى الله له بيتا في الجنة ) رواه مسلم . وقد جاء تفصيلها عند الترمذي على أنها السنن الرواتب .
ومن السنن صلاة الضحى لحديث ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ..وفيه ويجزي من ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى ..) الحديث رواه مسلم . والسلامى هي المفاصل وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله خلق ابن آدم على ستين وثلثمائة مفصل ) رواه مسلم.
هل قيام الليل في رمضان فقط؟
لقد ورد الحث على قيام الليل مطلقا معمما في كل الليالي فقال تعالى في سورة المزمل ( يا أيه المزمل . قم الليل إلا قليلا ) ثم جعله الله تطوعا فأنزل قوله تعالى في نفس السورة ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك )الآية .
وقال تعالى ( إن المتقين في جنات وعيون . آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين .كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون )
فهذا فيه امتداح للمتقين الذين هذه حالهم وبشارة لهم . فهل نكون منهم ؟.
إن قيام الليل باق مع المسلم طوال حياته وليس في رمضان فحسب وفي ذلك فضائل عظيمة ولو تأملنا الآيات وتأملنا الأحاديث الواردة في فضل الصلاة , بل لو تأملنا حديثا واحدا وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا حط الله بها عنك سيئة , ورفعك بها درجة )رواه مسلم . لو تأملناه لحرصنا على الإستزادة من الخير .
بقي أن أذكر نفي وإخوتي وأخواتي بصلة الأرحام فإن وعيد القاطعين شديد ألم تقرأوا قول الله تعالى ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )نسأل الله العافية .
ثم لنحفظ أنفسنا فلا نكسب إلا مالا حلالا , ولا نقول الا صدقا وحقا , ولا نغتاب أحدا ولتكن أخلاقنا حسنة فقد تكفل النبي ببيت في الجنة لمن حسن خلقة ولنحرص على طلب العلم الذي نقيم به ديننا ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لكل خير وأن يجنبنا الله تعالى كل شر وأن يبلغنا جميعا جنته بفضله ومنه وكرمه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .